Friday, April 30, 2021

حالة من ليل


مُلقىً على ناصيةِ الفضاء

أسافرُ في الكونِ وحيداً

الهواءُ حوليَ وعليّ

أنظرُ فيَّ جيداً

لعلَّني أجدُ شيئاً

يدلُّني إليّ

جالساً على حافَّةِ العدم

أخو الليلِ في السواد

لا أفعلُ شيئاً سوى/

أن أعُدَّ الخساراتِ والكوارثَ

فتنتهي أصابعي

قبلَ الانتهاءِ من العدِّ

أسيرُ في الدربِ

مُدَّعياً أنِّي أعرفُ إلى أين

يا دربُ، هَبْني ثقةً في الرياح

لعلَّني أجدُ طريقاً واضحاً

في ليلٍ كاملٍ من الوجود

 

أقفُ، خالياً من الُهوية

أمامَ الأسئلةِ وجهاً لوجه

يسيرُ القطار، لكنّما

أنا والحقيقةُ

مثلَ سكَّةِ القطار

خطّان لا يلتقيان

أمشي، مواجهاً الريح

والطرقُ تتناثرُ أمامي

يميناً يساراً

أَلْفُ فرصةٍ للسقوط

وألْفُ فرصةٍ للطريق

أدورُ في العاصفة

والريحُ تسيرُ بي


راقداً

كحطبةٍ على أرضٍ رَطِبة

لا الماءُ يدخلُ إليَّ

لا الرملُ يصنعُ وسادةً

ولا أنا نابِتٌ


أتأملُ صورتي في المرآة

كأنّي أتاملُ الفراغ

أرتِّبُ نفسي، وأتأنّق

ألفُّ ربطةَ العنقِ الحمراء

أظلُّ أنظرُ في عقاربِ الساعةِ

لديَّ موعدٌ مع المعنى

ولم يأتِ بَعد


في شريطِ الحكمة،

كنتُ دائماً في المنتصف

في الأمسِ، كنتُ مخطئاً

واليوم أنا حكيمٌ وأخطيءُ أكثر

جلستُ بجانبِ النهر وأحببتُه

وظلَّتْ روحي معلقةً هناك

ما يدمِّرُني أنَّني كُلَّما أحببتُ شيئاً،

تركتُ جزءاً من روحي عنده

إلى أن ما عادَت لديَّ أيُّ روح


على كرسيٍ خشبيّ

بجانبي أريكةٌ بالية

أجلسُ رافعاً وجهي إلى السماء

وأتأمل

بجانبي شباكٌ يطلُّ على غابة

أنا -وببساطةٍ بحتة-

كوخٌ بدائيٌّ جداً

أنا البُخَارُ المتصاعِدُ من الكوب

في صباحِ الشتاء

ألبسُ كنزةً مزخرفةً من الماضي

وألُفُّ رموشاً من الحب

أجلسُ حيثُما يكونُ شعاعُ الشمس

أُمسِكُ كتاباً لم أقرأْه بعد

وتقتلُني أشياءُ عديدةٌ

من بينها الحياة

أتمايلُ على خيطٍ رفيعٍ

في أعالي السماء

قالوا: تماسكْ وإلا،

انهارت مدنٌ وحضارات

لا يمكنني أن أختارَ النجاةَ

ولا السقوطَ المدويّ



ألاحقُ الفراشاتِ البيضاء

وهي تلاعبُ شعرَها الأحمر

على العشبِ،

وسربُ العصافيرِ في السماء

يمرُّ أمامي

من نافذة الغرفة الغربية

أحتاجُ إلى خريطةٍ

تأخذني إلى قمّةِ الهاوية

أحتاجُ إلى بوصلةٍ

ترميني إلى ما بعد الناصية

أحتاج إلى بحرٍ يقولُ لي:

مرحباً، أتحبُّ أن تموت؟

أنا ابنُ سبيلٍ يسافرُ، سائلاً الموج:

"هلّا تأخذني يا موج إلى ما بعد الريح؟"

- اجلس على الرمل يا ابنَ الريح،

ولا تصدّق أساطيرَ الماء

لا تخرج يا ابنَ المسار عن المسار

هذا البحرُ ليس لك!

أقول لآلةِ الزمن

خذيني، أنا ذاهبٌ نحو النهار

فهل تسمحين أن تحمليني إلى هناك؟

أغمضتُ وغرقتُ في التأملٍ

وعندما فتحتُ عينيّ

أعماني ضوءُ الليل


حقيبةٌ على كتفي:

أملؤها بالموسيقى

وطاولة شطرنج وبعض الأصدقاء

والفراغ

كلما قَتَلني السؤال:

-أيني أنا؟ 

أشرتُ إلى هنا

قلت: "ها هُنا أنا"

أشرتُ إلى هناك

لم أجدْ إلا أنا

نظرتُ إلى كُلِّي

شفّافٌ أنا، في كلِّ مكان

أنا كلُّ شيء - أنا لاشيء

  

No comments:

Post a Comment