"لو"
لو
أنَّ ”لو“ تنفعُ أن تقالَ بدون معناها وفي غير مكانها، لصارت لو كلمةً خفيفةَ
الظل، ولجعلتُها أغنيةً نغنيها على عشِّنا، لمزَّقنا لو من حرفيها الملتويَيْن
ووضعناها كصورةٍ على حائطنا، ولكان المشهدُ أكثر نقاءً من غيِّ البشري، لو كانت لو
تنقلبُ من أذنيها إلى عكسها؛ "والهدهد يطيرُ من يدينا."، لكنَّ لو من
عملِ الإنسان، والشيطان هو لو، ولو: كلمةٌ أفعى تعشعش في رأسي لتصدرَ البكاء، ولو
تتلوى بواوٍ ولام، واو: وادٍ من جهنم يذهبُ إليه الخائفون، ولام: ليلٌ طويلٌ
يسكن فيه الوحيدون.
لو أنِّي سمعتُ الطفلَ الذي فيَّ وهو ينادى على الأمِّ التي رآها بكِ، لمددتُ يديَّ إلى الأعلى كالطفلِ لكي أتشبثَ باليدين اللتين انغمستا في عجينِ روحي، فتمارسُ الطبيعةُ دورَها بأن تمدِّي يديكِ، فتعانقي الصغير وترفعيه إليكِ ثم تلقيه إلى السماء، فتخرجُ منه ضحكاتٌ تشبهُكِ، لكنَّ شرقاً داخلنا، يأمرنا بأن نخفيَ طفلاً داخلنا، ثم أن نقتلَه ونبيعَ لحمه للهواء.
لو أنَّ الرياحَ التي تمرُّ مع الوقت تمسحُ ما تبقّى من الصورة، لظننتُ أن الوقتَ سيأخذني إلى نجاةٍ ما، لو كانتْ القصيدةُ تنتهي كانتهاء الحبلِ الذي يشبهُ السور، لزال الوجعُ الخفيفُ المخبأ في وسادةٍ منتفخةٍ تحت الضلوع.
لو كان كلُّ شيءٍ يسيرُ كما يسيرُ القمرُ في مداره ناسياً ما عليه من واجبٍ تجاهَ الأرض، لكان الضوء، لكنني ظللتُ الأرض. لو قيل لي "اذهبْ إلى السماء والتقطْ غيمةً لتشربها"، لنجوت، لكني في كل مرةٍ أفعل ذلك، أصيرُ البكاءَ ودمعةَ الغيمة وينهمر الماء على خدي. وإنه كما يردد الجيولوجيون: إنَّ في الأرض ناراً في قلبها نارٌ تكوي الصخر فيذوب، فتنتجُ النار أيضاً كنتيجةٍ مرةً أخرى، لكنكِ أنتِ وضعتِ قلبي في قدرٍ فيه من نار الأرض، وظللت تطبخين وتضحكين. فانصهر قلبي في الحَلَّةِ، فجاء لي ابنٌ منكِ اسمُه النار.
لو أنَّ ندائي لكِ كان أعلى، أو أن عاشت الفراشاتُ في صدري أكثر، لأزهرتِ في براريَّ ولأنرتِ المشكاةَ البيضاءَ في داخلي، لكنَّ شوكةً كانت تجرح مدينةً بنيناها في خيالنا، وتوقدنا في بردٍ يحترق. لو كنَّا لكانت الماءُ حكايتَنا الوحيدة، ولانزلقتِ الألوانُ إلى خيمتِنا، لكني كنتُ أضيءُ الشمعةَ لصورتك لا غير، وكنتُ أزرعُ اسمَكِ في كل زاويةٍ من البيت، أما عن الأغاني التي كتبتها عنكِ فغنيتُها لطيفِك وحدهُ، لكني لم أعلم أنّكِ تجلسين وحدَكِ هناك، في الزاوية الأخرى من المدينة.
لو أنَّ الصرخةَ الصباحيةَ الدائمة "أينَكِ؟" خرجتْ من حيطان غرفتي ووصلت إلى حديقةٍ في أذنِكِ، لصار جسرُنا فوق الحديقة وتمشينا عليه سوياً، ولظللتُ أهمسُ لكِ بالحقيقة الأكبر في العالم "أحبُّكِ" في قلب أذنك، ولنبت من حديثنا الورد، لكنَّ وردةً ذابلةً نبتت أعلى الصدر، استنزفتني وأنزفتني، فصار دمي على وجهي، وكان الحريق يملأ الهواء حولي، الفراقُ كلمةٌ سوداءُ من أربعةِ أحرفٍ تجلسُ كالكابوس على قمرِنا، أما قمرُنا لم يولد أيَّ مرةٍ منذ بدايته.
لو أن يداً واحدةً امتدَّتْ أكثر لتمزق الهواءَ الهباءَ الذي يفصلُ بيني وبينكِ، وارتطمتْ بخفةٍ بأرضٍ فيكِ قد حصدتِها وحدَكِ، لصارت يدي ترتعشُ فترشُّ الماءَ على أشجارٍ من عاطفة داخلك، ولكانت يدي كالإله تعطي الأرض المعنى وتمسح الآلامَ والخطايا، لكنَّ حقيقةً كانت حديقةً غير موجودة، وكانت الغاباتُ تحترقُ في داخلي وتخرج النيران من أذني، أحبُّكِ لم أعرفُ كيفَ أقولها.
لو أنَّ عينيَّ ظلتا تحدقانِ وتحدِّثانِ وجودَكِ بإيماءتين، ولم أنزلْهما عنكِ خوفاً من الإمام، لصرنا الفضيلةَ والحقيقةَ والأمنيات، ولسقطَ الإمام.
لو أنّ تنهيدةً خرجت إلى القمر فارتدتْ إلينا، لصرنا معاً سلماً إلى السماء، لكنَّ غباراً بشرياً كان في الطريق، يكسِّر السلَّمَ ويقطّعنا قِطَعاً إلى ما يريد، فسرنا على الخط الذي وضعه الأولياء، وهبطنا إلى شكٍ في وجهةِ الماء وأبجدية الهواء، فتشوَّهت الأغنيةٍ وانحسرت البلاد في وعيي، أما أنتِ فرأيتِ الذهبَ بعيداً عني، وتقلَّبْنا في الحريق، فافترقنا قبل أن نلتقي.
سينام المظلومون في سجنٍ أسود، قليلين ومهجورين، يستمعون للأغاني بطريقتهم الخاصة، الأرضُ الفراغ تحوطُهم من جميع الجهات، ويرتعبون من فكرة النظر للحائط لئلا يروا أحباءهم فيه، الروحُ الخرابُ خشبٌ مهتريء يمتلأ بالقحط وسهولة الانكسار، مربعاتٌ لا تنتهي حول المشهد تضع الوقتَ في حربٍ مع الأسئلة، ودوائر وهالات تمثل لانهائية الاحتمالات، الاحتمالاتُ تتمرجحُ في العتمة، ولا يوجد في الرأسِ إلا حقيقةً واحدة: سينتهي كل هذا عندما تأتين.
لو أنَّ كوكباً من الذي على يدي مشى إلى نجمةٍ على خدكِ، لصرنا أول البشر ولجعلنا من حكاياتنا أكواناً تخلق أكواناً أخرى، وانتهينا عند نقطةٍ في المستحيل نائمين هادئين، لكنَّ كوني كان وحيداً لا يعلمُ من أين ومتى بدأ، أما عن نهايته فكان ينتهي عند كل لحظة. وكما تقول المادةُ: "يذوب السحابُ في السحابة القريبة"، لكنَّ شللاً أصاب بياضَ غيمتي أردى جبينَكِ الثلجيَّ أسوداً، وإنَّ الليلَ عمَّ على العدم فيَّ، فصرتُ قصةً مبتورةً، حديقةً سوداء، وغيمةً عاقر. ولكنكِ ظللتِ على ما أنتِ عليه: أجملَ وردةٍ في الكون.
لو أنِّي سمعتُ الطفلَ الذي فيَّ وهو ينادى على الأمِّ التي رآها بكِ، لمددتُ يديَّ إلى الأعلى كالطفلِ لكي أتشبثَ باليدين اللتين انغمستا في عجينِ روحي، فتمارسُ الطبيعةُ دورَها بأن تمدِّي يديكِ، فتعانقي الصغير وترفعيه إليكِ ثم تلقيه إلى السماء، فتخرجُ منه ضحكاتٌ تشبهُكِ، لكنَّ شرقاً داخلنا، يأمرنا بأن نخفيَ طفلاً داخلنا، ثم أن نقتلَه ونبيعَ لحمه للهواء.
لو أنَّ الرياحَ التي تمرُّ مع الوقت تمسحُ ما تبقّى من الصورة، لظننتُ أن الوقتَ سيأخذني إلى نجاةٍ ما، لو كانتْ القصيدةُ تنتهي كانتهاء الحبلِ الذي يشبهُ السور، لزال الوجعُ الخفيفُ المخبأ في وسادةٍ منتفخةٍ تحت الضلوع.
لو كان كلُّ شيءٍ يسيرُ كما يسيرُ القمرُ في مداره ناسياً ما عليه من واجبٍ تجاهَ الأرض، لكان الضوء، لكنني ظللتُ الأرض. لو قيل لي "اذهبْ إلى السماء والتقطْ غيمةً لتشربها"، لنجوت، لكني في كل مرةٍ أفعل ذلك، أصيرُ البكاءَ ودمعةَ الغيمة وينهمر الماء على خدي. وإنه كما يردد الجيولوجيون: إنَّ في الأرض ناراً في قلبها نارٌ تكوي الصخر فيذوب، فتنتجُ النار أيضاً كنتيجةٍ مرةً أخرى، لكنكِ أنتِ وضعتِ قلبي في قدرٍ فيه من نار الأرض، وظللت تطبخين وتضحكين. فانصهر قلبي في الحَلَّةِ، فجاء لي ابنٌ منكِ اسمُه النار.
لو أنَّ ندائي لكِ كان أعلى، أو أن عاشت الفراشاتُ في صدري أكثر، لأزهرتِ في براريَّ ولأنرتِ المشكاةَ البيضاءَ في داخلي، لكنَّ شوكةً كانت تجرح مدينةً بنيناها في خيالنا، وتوقدنا في بردٍ يحترق. لو كنَّا لكانت الماءُ حكايتَنا الوحيدة، ولانزلقتِ الألوانُ إلى خيمتِنا، لكني كنتُ أضيءُ الشمعةَ لصورتك لا غير، وكنتُ أزرعُ اسمَكِ في كل زاويةٍ من البيت، أما عن الأغاني التي كتبتها عنكِ فغنيتُها لطيفِك وحدهُ، لكني لم أعلم أنّكِ تجلسين وحدَكِ هناك، في الزاوية الأخرى من المدينة.
لو أنَّ الصرخةَ الصباحيةَ الدائمة "أينَكِ؟" خرجتْ من حيطان غرفتي ووصلت إلى حديقةٍ في أذنِكِ، لصار جسرُنا فوق الحديقة وتمشينا عليه سوياً، ولظللتُ أهمسُ لكِ بالحقيقة الأكبر في العالم "أحبُّكِ" في قلب أذنك، ولنبت من حديثنا الورد، لكنَّ وردةً ذابلةً نبتت أعلى الصدر، استنزفتني وأنزفتني، فصار دمي على وجهي، وكان الحريق يملأ الهواء حولي، الفراقُ كلمةٌ سوداءُ من أربعةِ أحرفٍ تجلسُ كالكابوس على قمرِنا، أما قمرُنا لم يولد أيَّ مرةٍ منذ بدايته.
لو أن يداً واحدةً امتدَّتْ أكثر لتمزق الهواءَ الهباءَ الذي يفصلُ بيني وبينكِ، وارتطمتْ بخفةٍ بأرضٍ فيكِ قد حصدتِها وحدَكِ، لصارت يدي ترتعشُ فترشُّ الماءَ على أشجارٍ من عاطفة داخلك، ولكانت يدي كالإله تعطي الأرض المعنى وتمسح الآلامَ والخطايا، لكنَّ حقيقةً كانت حديقةً غير موجودة، وكانت الغاباتُ تحترقُ في داخلي وتخرج النيران من أذني، أحبُّكِ لم أعرفُ كيفَ أقولها.
لو أنَّ عينيَّ ظلتا تحدقانِ وتحدِّثانِ وجودَكِ بإيماءتين، ولم أنزلْهما عنكِ خوفاً من الإمام، لصرنا الفضيلةَ والحقيقةَ والأمنيات، ولسقطَ الإمام.
لو أنّ تنهيدةً خرجت إلى القمر فارتدتْ إلينا، لصرنا معاً سلماً إلى السماء، لكنَّ غباراً بشرياً كان في الطريق، يكسِّر السلَّمَ ويقطّعنا قِطَعاً إلى ما يريد، فسرنا على الخط الذي وضعه الأولياء، وهبطنا إلى شكٍ في وجهةِ الماء وأبجدية الهواء، فتشوَّهت الأغنيةٍ وانحسرت البلاد في وعيي، أما أنتِ فرأيتِ الذهبَ بعيداً عني، وتقلَّبْنا في الحريق، فافترقنا قبل أن نلتقي.
سينام المظلومون في سجنٍ أسود، قليلين ومهجورين، يستمعون للأغاني بطريقتهم الخاصة، الأرضُ الفراغ تحوطُهم من جميع الجهات، ويرتعبون من فكرة النظر للحائط لئلا يروا أحباءهم فيه، الروحُ الخرابُ خشبٌ مهتريء يمتلأ بالقحط وسهولة الانكسار، مربعاتٌ لا تنتهي حول المشهد تضع الوقتَ في حربٍ مع الأسئلة، ودوائر وهالات تمثل لانهائية الاحتمالات، الاحتمالاتُ تتمرجحُ في العتمة، ولا يوجد في الرأسِ إلا حقيقةً واحدة: سينتهي كل هذا عندما تأتين.
لو أنَّ كوكباً من الذي على يدي مشى إلى نجمةٍ على خدكِ، لصرنا أول البشر ولجعلنا من حكاياتنا أكواناً تخلق أكواناً أخرى، وانتهينا عند نقطةٍ في المستحيل نائمين هادئين، لكنَّ كوني كان وحيداً لا يعلمُ من أين ومتى بدأ، أما عن نهايته فكان ينتهي عند كل لحظة. وكما تقول المادةُ: "يذوب السحابُ في السحابة القريبة"، لكنَّ شللاً أصاب بياضَ غيمتي أردى جبينَكِ الثلجيَّ أسوداً، وإنَّ الليلَ عمَّ على العدم فيَّ، فصرتُ قصةً مبتورةً، حديقةً سوداء، وغيمةً عاقر. ولكنكِ ظللتِ على ما أنتِ عليه: أجملَ وردةٍ في الكون.