Tuesday, November 4, 2014

"ضحكتُكِ"

ضحكتُكِ بلادٌ من الورودِ والأغنياتِ، والطفلات بفساتينَ حمراءَ وبيضاء، ضحكتك تلخصُّني، وتلمُّ الحكاياتِ والصباحات والمساءات الطويلة، لحبيبك، الذي يرتِّبُ علاقاتِه مع الأشياء بخوف النهار من الليل وتردُّدِ الأغنياتِ الراجفات، ويرتِّلُ اسمَكِ مع كلِّ بداية، الذي لا يرى يوماً بدونك، والذي لا ينامُ على وسادته الغيميةِ إلا ويقول بصوتٍ من حياة: أحبُّكِ، وأنتِ الجميلة، وبلادي الأولى والأخيرة، وأنتِ حقيبتي التي أخرجُ بها كلَّ يوم، وموتي الحيوي، وبدايتي قبلَ النهايةِ بساعتين، وهبوب ُالخيالِ في أرضِ الحقيقة، أنتِ الخيال واللاحقيقة.

ضحكتُكِ تفريغُ الناياتِ أفكارَها، وسردُ الرواةِ تفاسيرَهم للحياة، وسببٌ كافٍ للقبائلِ كلِّها لأن تعيش، ولقبولِ الكونِ الحياة على الأرض، ولغربلةِ البشريةِ إلى مراحلها، ولانكسار الأملِ ليتحوّلَ إلى شيءٍ أكبرَ منه بكثير، الأملُ صغيرٌ، وأنتِ أكبر، أنتِ أكبر. 

ضحكتُكِ بدايةُ صهيلِ الأفراح في يومٍ لم تمرُّ قبلَه حياة، ضحكتُكِ ذوبانُ المدى في وردة ٍوحيدة، وارتياحُ المدنِ في كفَّيك ِعلى كتفيكِ، وانتهاءُ كتمانِ المسافات، ضحكتُكِ خيبةٌ للشعراء.

ضحكتك وصولُ حضاراتٍ إلى أعلى ثقافاتها، من يسمعها يصعد في السماء ويجلس بجانب الشمس، ليقنع الطبيعة بملاكيتها، وليطلبَ من الملائكة أن ترعى الحب وتمنع الطبيعةَ من الاندثار، ضحكتك ترجعني كطفلٍ يغارُ على هداياه، ويُعجَبُ بأفكاره الأولى، وأنتِ هديةُ السماء، وقمرٌ يجلس على الطاولة بمعجزة يديك.

 وعن يدك، عن يدكِ التي تخلق طبيعة ممتدة إليَّ بمعجزاتها، وتأتي بمخاض الحقائق من جوفي، وباندهاشاتي السريعةِ كفعل الألوان كلها، فأنا أحبها، وأحبكِ، وأحبكِ ليس كحبي للناس، أحب الناسَ، وأحبكِ، كفرقٍ بين الولادة والموت.

ضحكتك لن تنتهي، وإن سكتت، فليست الحياة تنتهي بسهولة الموت، وليس مِن خُلُقِ الموت أن ينهيَ الوردةَ قبل أن تنضج، وليس من طبيعة القلوب أن تنسى فعلَ الإحياء وأسبابه، وإن روحاً داخلي تتلقى الضحكاتِ كنقشةٍ على حجر، كلوحةِ طفل أولى، فالطفلُ لا ينسى لوحتَه الأولى أبداً، وأنا أحبكِ.

ضحكتك لا تبدأ، فقد بدأت قبل أن أتعرّفَ على الموسيقى، ربما جاءت لإقناع الأكوان أن تتفجر، ولتبدأ الحياة بشكل منطقي، ولا يمكن التأكيد أبداً، مَن جاء أولاً: ضحكتك أم الحياة؟ 

وإن تهتُ يوماً، وأضعتُ نفسي، بحثت عنكِ فوجدتني عندك جميلاً وكبيراً، وأنا أحبكِ.

ضحكتك جميلةٌ، لأنها هي، أو أكثر من ذلك، مما لا يُدْرَك.

ضحكتك إبطالٌ لمعاني الحكايات، وجنونٌ للأئمة والنبلاء، وإنذاراتٌ للبدء قبل الرحيل، وضحكتك ليلٌ للحالمين، وخيلٌ تسيرُ من أجل السلام، وضحكتك غيمة تمسح المسافات، وخيمةٌ تُظِلُّ العابرين، وضحكتك نصٌ كهذا قد هلك من كثرة العطف، نص ٌقد هلك من كثرة العطف، فهجم عليه النقاد، 
لكنِّي أصفُكِِ، وأنا أُحِبُّكِ.