Tuesday, March 24, 2020

طفلٌ ينتظرُ هديّةَ الميلاد

ألبسُ كلَّ ما لديَّ من لونٍ أحمر على أنني بابا نويل، أنظرُ إلى أضواء الشوارعِ علَّها تعطيني الدفء، أقفُ أمامَ المرايا وأسير، دون قصدٍ باحثاً عن أملٍ ضيَّعَهُ أحدٌ في الطرقات، لم أدرك يوماً أنَّ لي هدفاً جاء بي إلى هنا، ولا أذكر أبداً أنَّني قصدتُ شيئاً من قبل.

تدفعني الرياحُ إلى عكسِ الطريق الذي أريد، الطريق الذي لم أكن أعرف سيأخذُني إلى أين، أحاولُ أن أمسِكَ زخاتِ المطر، وأفرحُ بها كثيراً، ولكن، لم يكنْ هناك من أحدٍ هنا ليحذِّرَني من البلل.

تدفعني الرياحُ، كأيِّ شيءٍ في الدنيا، تدفعُني عكسَ ما أريد، فأروح أفرحُ بها، أعتبرُها هديةً من السماء، ومفارقةً أتخيَّلُ الرياحَ أنها رفيقتي، وأنها تتمشَّى معي.

صديقي الوحيد أخذتهُ الطائرات، قالوا لي أنَّه مسافرٌ، انتظرتُهُ كثيراً، ولكنَّه لم يَعُدْ بعد.

قطعةٌ من الكرتون هي سريري المريح، وصلابةُ الأرض تمرِّنُ عضلاتي على القوة، غطائي هو أخي، البحرُ هو تلفازنا، وخزانتي هي الرمل.

أقفُ أمامَ النوافذِ المغلقة، أرى أطفالاً يأكلون الحلوى ويعدُّون ما كان لديهم من الدمى، لا يفصلُني عن ذلك غيرُ نافذةٍ من الحظ.كانت خدودُ الأطفال تحمرُّ كلما أخذوا قُبلةً أخرى، وأنا ذو الخد الأصفر الشاحب دائماً، والريحُ الباردةُ تصفعُ خَدِّي.
لم أكن أعرفُ أن عليَّ أن أكونَ في بيت، كان الشارعُ هو العالم، وكان البردُ هو الأمر العادي، والعَتمةُ هي ضوئي الوحيد.

عبَرتُ من البحرِ إلى البحر، سافرتُ إلى بلدٍ في السماء عندما قفزتُ متراً واحداً إلى الأعلى.

صنعتُ جولةً في المدينة بأن رحتُ إلى شوارعَ لم أكن أعرفها، ولكنِّي لم أجد أحداً غير ظِلِّي.

أحبُّ ظلِّي كثيراً، هو وحده من يشاركني الطريق، وهو من يقول لي الحقيقةَ دون خجل: الحياةُ سوداء ومائلة.

أسيرُ وأسيرُ في الطرقات، أُهدي المارَّةَ الابتساماتِ والنداءات، كأنَّ صوتي معجزةٌ لا يسمعه أحد.

أرجو النجومَ أن تعطيَني قليلاً من الدفء، أتخيّل أصابعي عيدانَ كبريت، أضُمُّ يدي على نفسِها وأكحتُها بالأخرى، ألتصقُ بزاويةٍ في رصيف الشارع، أتحايلُ على الحيطان، تعالَ يا دفء، تعالَ يا دفء، تعالَ يا دفء، أبى أن يزورني الدفءُ ولو مرةً، حتى قررتُ أن أزورَهُ أنا، فأضرمتُ النيرانَ في نفسي.