غرفتي حائطُها ممتليءٌ بالورود، لكنَّ لا وردةً في قلبي، لا وردةً عليّ، يدُكِ الحديقةُ، صارت تنبتُ أكثرَ في أرضٍ بعيدة، لا سماءَ تمدُّ يديها، لا أرضَ تحملني، ذهبتُ إلى محطةِ القطار، عسى أن أسافرَ إلى لونٍ يؤدي إليك، فسارَ القطارُ عليَّ.
حاولتُ أن أطير -كما كنا نفعل-، لكنَّ جناحي وحدَه لا يحلق، حاولتُ
أن أعومَ في البحر، كي أرى ظِلَّكِ في الماء، فكرتُ في ألواننا، عربشتُ في الهواء،
جلستُ تحت الشمس، كفكفتُ يديَّ أمامَ النار، مسحتُ على وجوه المرضى، ابتسمتُ
للأطفال، ثم بعدَ كلِّ هذا، لم يكن هنالك إلا الهباء.
فتَّشْتُ في الشوارع، طريقاً طريقاً، نظرتُ إلى ساعةِ يدي ملايين
المرات، وانتظرتُ في الميادين، واقفاً والرملُ يلفحُ وجهي.
لقد وجدتُ الحديقةَ التي اتفقنا على أن نسيرَ فيها معاً، أينَكِ
إذن؟ وأين قبعةُ القش؟ أين الجيتارة التي سنحملها دون أن نجيدَ العزفَ عليها؟ وأين
الفستانُ الأحمر الذي اتفقنا أنه لا تحكمه اللغة؟ أين الشمسُ الذهبيةُ تعانقُ
نمشَكِ؟ أين الريح، تحملنا الريح، تمرجحنا الريح؟ وأن نطير، دون أن يكونَ للزمانِ
أو المكانِ قيمةٌ، ثم نصبح كلانا عنصرين في الطبيعة: أنتِ وردة وأنا عُصفور.
ثم إن لم يكن كلُّ هذا، إذن: أيني أنا من على هذه الأرض؟