Friday, January 6, 2017

أحبُّ


أحبُّ، أحبُّ الليلَ يقشر لنا برتقال المدينة، ويصنع لنا كعكاً من الهواء الخفيف يدخلُ إلينا إلى حيث ما لا نعلم ويحضننا بيديه التي لا تنتهي، فيعطينا الأمان والأسئلة، الأسئلة تخلع ثياب الخوف، والليل يحضن السماء.

أحبُّ،
أحبُّ السماء، تسقط علينا كرجالٍ أفرطوا في الحُلم، وتجعل النجومَ تبيتُ في كفيها، السماءُ مِثلُ أمٍ تسمع كلامَ أبنائها، وتتسع.

أحبُّ ذرةَ الرملِ تلك، التي تجلس في مكانها تنتظر الوقتَ الذي ستصبح فيه ذرةَ رملٍ أكبر، على أملٍ تعرف أنه لن ينفع.


أحبُّ النجمَ، يهوي ويقبِّل السماءَ -الأرضَ- يشكرها على حضنها، ويخدش الغيم بلا أذى كطفلٍ يداعب الأرض لأول مرة، ويضع يده في أيدي النجوم الآخرين، يمر عليهم، قائلاً: مرحباً، أينقص عنكم أي شيءٍ من الدفء؟

 النجمُ قيمتُه الضوء.

أحبُّ الضوءَ يحمل نفسه إلى البعيد، يسير بنفسه عن نفسه آملاً في أن يضع النهر في أيدي السائلين، الضوء يرفعنا، ويرينا إلى أين سنهرب، ويحملنا إلى بلادٍ من الحقيقة، الضوء أحدُ الأولياء.
أحبُّ، وجهَكِ، يحمل أقداح العسل في خديكِ ويهديه لكل من يسأل، فيضيء جبينكِ كالشمس على مشهد من الحديقة التي اسمها وجهك، يسير على جبلين من اللؤلؤ المضمون.


أرى،

 أرى النجمَ الذي يجلس فوق المدينة المظلمة، ويقول: يا المدينة، شعرُكِ الأسود الطويل الممتد هذا ليس جميلاً، وأنتِ لستِ خفاشاً، لوني شعرك يا المدينة، فإن الألوان ممكنة، وإن احتمال الجمال في وجهكِ ممكن، يا المدينة كفى.

يقول رجلٌ يقف في زاوية المشهد:

 لقد أثقلتْني الاحتمالات.