صوتُكِ،
ارتجاف السماء يظهر في قطعةٍ من الأرض، ألمٌ مخمليٌّ وفاخرٌ ينبعثُ من امرأةٍ
وحيدة، يا شاهدَ الصوتِ الكبير، اشهدْ واشتد، لكي ندوخَ بصوتكِ في هاويةٍ من
السماء، الموسيقى تأتي بعدَ صوتِك، فيصعدُ صوتُكِ ويأكلُ الموسيقى كحلوى العيد، لن
يكونَ لدينا لحن، ستكونين أنتِ مصنعَ الألحان، يا نهراً من اللغة وبحراً من
الفكرة، تمخطري بصوتكِ، واشتدي بعُودِكِ، غيبي عشرةَ أعوامٍ وتعالي، سيظلُّ لدينا قمر.
وأدخلينا
في حالةٍ من أن ندخلَ في حالةٍ لم نعرفْها إلا من صوتك، صوتُكِ ترجمةٌ للعهدِ القديم
الذي نسيه الصالحون في داخلك.
شكِّلي
الكلامَ وأخرِجيه مُقطَّعاً أو كما يحلو لك، لن يحلو لكِ إلا الجميل، الصوتُ يسبقُ
القصيدةَ، صارت القصيدة لك. مدّي بصوتكِ عندما تقولين كلمةً قليلةَ الأحرف، كيف
يمكنُ للصوتِ أن يكونَ قوياً وخفيفاً في آنٍ واحد؟ والشِّعرُ يذوبُ في فتحةِ فمك
عندما تقولين كلمةً مغناة، لم أسمعْكِ في أيِّ مرةٍ وأنت تتحدثين كلاماً عادياً،
لم أفعل، لأن أيَّ كائن سيحمي نفسَهُ من الموت.
ورغمَ
أنَّ موسيقاكِ مدهشة، إلا أنكِ لا تندهشين، إن هذا منصفٌ، لأنه لا يمكن لشيءٍ
معقدٍ أن يندهشَ من شيءٍ بسيط، لا يمكنُ للدهشةِ أن تندهش.
وتعبِّئينا
بالغناء، ونعبئك بالهتافات، وشكراً لوجودِ طوقِ الياسمين، لقد رأيتُه أيضاً على
أسنانِكِ وليس فقط شعرك، أما شعرُكِ فجدولٌ من الحنين، وشعرُكِ شوارعُ من طرقٍ
مسائيةٍ في فرنسا، والشامةُ أسفل فَمِك جزيرةٌ في المحيطِ المجيدِ الممَجَّدِ الذي
اسمُه الندى. لا أعلم ما علاقةُ عينيكِ بصوتِكِ عندما تغنين، لكن سأقول أنَّ هكذا
يكون البورتريه.
اليقين، وجدتُه في
العطرِ الذي ينسدلُ من الميكرفون عندما تمسكينه، فيستيقظُ فرسانٌ من قبورِهم
قُتِلوا قهراً ثم يذهبون ليزرعوا في كلِّ مكانٍ وردة، وإذا بدأتِ بغناءِ أول كلمة،
تتنحى طيورٌ ذات زقزقةٍ كنتُ أعتقد أن صوتَها مفضلٌ لدي، وإذا دخلتِ في الكلمةِ
الثانية ذابتْ أعينُ البشر فأغلقوا أعينَهم وراحوا يدخلون في غيبوبةٍ، وفي ذروة
الحالة.
دُوْرِي بصوتِكِ، كي
أدورَ أنا وأخرجَ بأنا أخرى، وغنّي، كي يكونَ العالمُ لنا، لا أعلمُ كيفَ أنَّ
البيانو يدخلُ في أغنيتِك، لن أقولَ أن صوتَكِ لا يحتاجُ بيانو، لكني سأقول أنهم:
لا يبغيان.
تتجملين؟
يا ليت وجهي يقف وقلبي يقف وعيني تقف، فتنحبس الصورةُ عندما يكونُ فمُكِ دائرياً
وعيناكِ عند السماء، وصوتُكِ عندي. وكنداءٍ دائم، نقول:شكراً للغة العربية الأم،
لأنها كانت مناسبةً لأن تُغَنَّى من ماجدة الأم.
-
الوقتُ
يمرّ،
ولا نريدُ سوى أن تبقي
-
أمامَكِ
ألف ألف من البشر
لو تعلمين
لو أنكِ لوَّحتِ لهم
فكأنكِ مسحتِ على رؤوسهم جميعاً
-
وقيل:
"كوني يا ماجدة عاصمةً"
ثم نفِخَ فيها من روح الله
فكانتْ ماجدة.
-
بيانو يسبق صوتَكِ
مسكين
لا قيمةَ له
-
أن
تذوقَ طعمَ السكرِ الذائبِ في قطعةٍ من لبنان، مغرَّقةً بالعسلِ الخفيفِ وطعم
الڤانيلا، فتصلُ إلى أعلى دماغِكَ وتضربُ كلَّ ما فيك، فيكادُ أن يُغشى عليكَ من
الفرحة، هذا هو طعمُ صوتك. ظَلِّي،
وهاتي صوتَكِ يظلُّ علينا، وخفِّفي علينا ظِلَّ الوجود، الكمانجة أختُكِ، كلٌ
منكما يتشابه، وأنتِ بنفسِكِ مزرعةٌ للورد، لا يكادُ أن يختلفَ وجهُكِ كثيراً عن
الورد، فعندما تحملينه أصابُ بالحَيْرة: أياً منكم الورد؟ وعندما تقفين بجانبه لا
يختلفُ الوضع كثيراً سوى أنَّكِ إضافةٌ كبيرةٌ للمعنى.
موسيقاكِ
تترتبُ في قطعٍ مستقيمة، وفرقةُ الصوتِ الجماعي خلفَكِ تنادي لكل من أراد الغناءَ
والخلاص، والغناءَ والخلاص، في حانةٍ تحملُ اسمَ الخير، ويقفُ أمامَكَ جمهورُك
سكارىً ليس بالخمر ولكن بصوتكِ، انثري صوتَكِ على الجمهور الذي على الأرضِ وفي
السماء، لعلَّهم عندما تنثرينه يعبؤونه في قواريرَ من الزمن، وينادون بكلِّ أملهم:
يا وقتُ، انحبس، نريد أن نظلَّ أمامَها، تطعمنا الهيبةَ كأي سيدٍ يطعمُ عصافيرَه
خبزاً خبزاً. لو تعلمين، كم هو مؤلمٌ مرورُ الزمن، لأنَّ كلَّ لحظةٍ تمرّ تعني أن
الأغنيةَ في طريقها إلى الانتهاء.
No comments:
Post a Comment